الخميس 16 ماي 2024 الموافق لـ 8 ذو القعدة 1445
Accueil Top Pub

النصر تعاين تجارب ناجحة وخبراء يؤكدون

المؤسسات الناشئة جسر الجزائر نحو اقتصاد حقيقي

يجمع خبراء أن المؤسسات الناشئة تعتبر فرصة الجزائر لانطلاقة قوية من أجل بناء نموذج اقتصادي جديد ومتين، بعيد عن اقتصاد الريع الذي تبنته البلاد منذ عقود، والمرور من الاعتماد شبه الكلي على عائدات سوق البترول المتذبذب إلى ما توفره هذه المؤسسات عبر الاستثمار في التكنولوجيا التي تساهم في تقليص النفقات لتكون بذلك طوق نجاة في ظل التحولات الجذرية التي تعرفها الاقتصادات العالمية، نتيجة ما تفرضه المتغيرات الراهنة.

ووجد "نداء" خبراء الاقتصاد، آذانا صاغية لدى السلطات التي مرت إلى التنفيذ مباشرة، وذلك عقب تشخيص دقيق للحالة الآنية التي تعيشها البلاد، ليبدأ العمل بتمكين الشباب خلق مؤسساتهم الناشئة، اعتمادا على مؤهلاتهم العلمية والمهنية، سيما في المجال التكنولوجي، مع الاستعانة في بعض الأحيان بتجربة الجزائريين من خبراء عبر عديد دول العالم، ليتم تكوين نماذج ناجحة من المؤسسات تكون مثلا لشبان آخرين، ولعل أول خطوة في طريق خلق مؤسسات ناشئة هو استحداث لأول مرة وزارة منتدبة لدى الوزير الأول تخص لاقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة.

كما تعكس التصريحات المتتالية لرئيس الجمهورية للسيد عبد المجيد تبون مدى اهتمام السلطة بهذا الجانب الجديد من المؤسسات، حتى "تكون قاطرة للاقتصاد الوطني" الذي يساهم الشباب في بناء جانب هام منه، وقد أوضح الرئيس تبون خلال كلمة ألقاها خلال افتتاح الندوة الوطنية للمؤسسات الناشئة "ألجيرياديسرابت 2020"، أن تنظيم هذه التظاهرة "يؤكد ايماننا المطلق بنموذج اقتصادي جديد لوطننا، مبني على المعرفة، تكون فيه الشركات الناشئة قاطرة حقيقية له"، إنشاء صندوق وطني خاص بتمويل المؤسسات الناشئة يتميز بـ"المرونة" و"تحمل المخاطر"و"حتى يتمكن أصحاب المشاريع المبتكرة من تجسيد أفكارهم"، كما أكد ذات التصريحات خلال حواره الأخير مع جريدة "لوبينيون" (الرأي)، عندما قال "الدولة ستساعدهم على البروز كقوة اقتصادية" مشددا أن "المؤسسات الناشئة أصبحت حقيقة".

بدوره أكد الوزير الأول خلال مداخلته خلال أشغال الندوة الوطنية الأولى حول المؤسسات الناشئة "سيكون بمثابة انطلاقة جديدة لتحقيق هدف مضاعفة المؤسسات الناشئة من اجل استغلال و مرافقة كل المبادرات الشبانية و الأفكار الجديدة في إطار الجهود الرامية لدعم الاقتصاد الوطني".، وهي نفس الأفكار التي ذهب إليها منظمو الندوة الدولية للمؤسسات النائشة والتي تتلخص في عدة نقاط أبرزها تطوير أرضية رقمية للمؤسسات الناشئة عبر الإنترنت تكون بمثابة فضاء مفتوح للمستعملين من أجل البحث واختيار حل مبتكر، والتكفل بالإنشغالات والسماح للمؤسسات الناشئة بالتطور في ظل منطق النمو الاقتصادي، تطوير واستهداف حلول لعصرنة المرفق العمومي وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.

ويصاحب الدعم الكبير للمؤسسات الناشئة في الجزائر باهتمام واسع من طرف المواطنين، الذين يحرصون على متابعة كل كبيرة وصغيرة في هذه النقطة، ومعرفة كافة التسهيلات التي تقدمها الدولة من أجل تجسيد المشاريع في الميدان، وهو ما نلاحظه عبر محرك البحث "غوغل" والذي يُظهر ارتفاعا في عمليات البحث المتعلقة بموضوع "المؤسسات النائشة" في الجزائر، حيث يبين المنحنى أن الاهتمام بهذا النوع من المؤسسات قد ارتفع بشكل ملحوظ خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الجارية مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية والتي قبلها، و أضحى هذا المؤشر قريبا من المؤشرات التي يظهرها محرك البحث "غوغل" مقارنة مع دول صناعية كبرى على غرار ألمانيا وفرنسا.

رسم بياني 1 يظهر عمليات بحث الجزائريين عن عبارة "start-up" عبر محرك البحث "غوغل" في الأشهر الأولى لسنة 2020 ومقارنتها مع نفس الفترة من السنة الماضية 

 

رسم بياني 1 يظهر عمليات البحث عن عبارة "start-up" عبر محرك البحث "غوغل"  منذ بداية سنة 2020 بالجزائر وألمانيا وفرنسا

 

  روبورتاج: عبد الله بودبابة

 

الباحث الجزائري بأمريكا الدكتور رضا بغدادي

المؤسسات الناشئة الجزائرية أمام فرصة ذهبية وولوج السوق العالمية ليس صعبا

يرى الدكتور رضا بغدادي، الباحث بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية، أن المؤسسات الناشئة في الجزائر أمام فرصة كبيرة لولوج السوق العالمية من خلال تطوير تكنولوجيا لمختلف مشاكل الذكاء الاصطناعي وذلك على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي قد تصادفها، سيما ما تعلق بالجانب القاعدي.

الدكتور بغدادي أكد أيضا في فيديو موجه للنصر لإمكانية أن تدر المؤسسات الناشئة في المجال التكنولوجي مداخيل بالعملة الصعبة على الخزينة العمومية، مقدما مثالا بما تستفيد منه الصين من مؤسساتها الناشئة.

 

الخبير الاقتصادي الأستاذ محفوظ كاوبي للنصر

يجب توفير مناخ خاص حتى تتمكن المؤسسات الناجحة من النضج والتطور

أكد الخبير الاقتصادي الأستاذ محفوظ كاوبي أن نجاح المؤسسات الناشئة في مجال الخدمات مرتبط أساسا بتوفير مناخ يرتكز على المنافسة ودراسة قبلية للسوق، مع تشجيع الاستثمار الأجنبي الذي يزيد من عدد المؤسسات الكبيرة والعملاقة تكون سببا في نضج المؤسسات الناشئة ونجاحها، مثمنا في ذات السياق رفع الكثير من العراقيل في وجه الشبان من أجل تجسيد مشاريعهم.

النصر: هل يمكن أن تكون المؤسسات الناشئة حبلا لنجاة الاقتصاد الوطني الجزائري، وسبيلا للخروج من نفق الاعتماد الكلي على المحروقات؟

جواب - أولا يجب التفريق بين البديل والمتمم في الاقتصاد، فالمؤسسات الناشئة ليس لها دور كبير يجعلها بديلا عن الأنماط القديمة، مثلما يعتقده الكثيرون، ولهذا وجب تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة، غير أنه يمكن القول أن دور هذه المؤسسات هو دور متمم لما تقوم به المؤسسات الكبيرة العملاقة.

وبلغة بسيطة فإن خلق المؤسسات الناشئة خصوصا التي تنشط في مجال الخدمات والمجال والذكاء الاصطناعي مرتبط أساسا بمؤسسات كبيرة، توفر لها خدمات وحلولا لبعض المشاكل التي يقع فيها الذكاء الاصطناعي، فعلى سبيل المثال العملاق مايكروسوفت المعروف عالما لا يشغل بمفرده ولكن يتعامل مع الكثير من المؤسسات الصغيرة في مجال البرمجيات وما إلى ذلك.

ثانيا يجب أن يفهم الجميع أن المؤسسات الناشئة يجب أن تحظى بالوقت الكافي حتى تتمكن من الاستقرار والبروز، فهي تحتاج بين 3 إلى 10 سنوات حتى تبرز وتمر إلى السرعة القصوى، وتقدم ما هو مرجو منها، كما أنها تحتاج إلى مناخ خاص حتى يسمح لها بتقديم دورها المنوط بها، وهنا تجب الإشارة إلى أن تمويل المؤسسات الناشئة لا يعتمد على الصناديق فقط بل يحتاج إلى مؤسسات كبيرة تمنحها مصدرا للتمويل، حيث تم منحها عددا من الواجبات والمهام المتخصصة، وبالتالي تعتبر هذه المؤسسات الكبيرة بمثابة سوق أول للمؤسسات الناشئة.

أيضا يجب التنويه إلى أن الأمر الإيجابي في الجزائر هو تغير النظرة إلى المؤسسات الناشئة، مقارنة مع ما كان عليه الحال في السابق، مع المؤسسات التي تم انشاؤها في إطار صندوق دعم تشغيل الشباب "أونساج" وغيرها من الصناديق، وآلية كان ينظر إليها على أنها قريبة من الجانب الاجتماعي مقارنة مع اليوم، وبالتالي فإن نزع صفة "الاجتماعي" يعتبر في حد ذاته تقدما مهما

النصر: بحديثك عن المناخ الخاص في الجزائر، هل تعتبرونه موفرا حتى تتمكن هذه المؤسسات من أداء مهامها؟

جواب - للأسف الشديد هناك الكثير من الأشياء التي يجب تغييرها في الجزائر، والأمر يتعلق أساسا بفتح السوق على الاستثمار الأجنبي، فالاقتصاد حاليا لا يعترف بالحدود، وهو الآن يعتمد على آليات أخرى مثل الرقمنة من أجل العمل والاستمرار والانتشار في كافة مناطق العالم

أقول أيضا أنه في حال توفر السوق الوطنية على مؤسسات كبيرة وهنا أنا أتحدث عن المؤسسات التي تنشط في مجال الرقمنة والتكنولوجيا، فإن ذلك سيسمح لمؤسساتنا الناشئة بالتموقع في البداية قبل الدخول في منافسة مع نظيرتها الأخرى في باقي الدول، كل هذا إلى جانب ما هو متوفر مثل التمويل عن طريق صندوق خاص والمساعدات وصندوق الحماية المخاطر، ولهذا يجب إصلاح السوق أولا حتى نوفر مناخا مساعدا على النجاح.

إذن المشكل الحالي لا يتعلق بخلق المؤسسات وتمويلها من أجل البروز، بل هو مرتبط أساسا بإيجاد الأسواق، وإذا تمكنا من حل هذا المشكل فإن المؤسسات الناشئة ستتمكن من الصمود لفترة طويلة والتطور في وقت لاحق.

النصر: لكن ألا تكون لخطوة التمكين للاستثمار الأجنبي نتائج عكسية يفرض على المؤسسات الناشئة مصير الفشل بسبب الفارق الكبير في القوة؟

جواب - لا أخالفك الرأي، ولكن في الاقتصاد نقول أنه يمكن أن ننشئ 10 مؤسسات في نفس الوقت، ولكن مع مرور الوقت لن تصمد سوى 3 أو 4 فقط، لأن السوق في النهاية لا يعترف إلا بالأقوى، لذلك أعود لما قلته سابقا يجب تجاوز نقطة "التوجه الاجتماعي" عند خلق هده المؤسسات، وذلك حتى تكون مبينة على أسس متينة.

وهنا أعود إلى صناديق الدعم السابقة، فمن أصل كافة المؤسسات الممولة عن طريق "أونساج" لم تصمد سوى حوالي 10 في المئة منها فقط وهي قليلة أما 90 في المئة من المؤسسات والشركات فمصيرها الإفلاس، بل إن أصحابها لم يتمكنوا من سداد القروض وهو ما جعل الخزينة العمومية تخسر ما يقارب مليار دولار، لذلك فإن تمويل المؤسسات الناشئة القادمة يحب أن يعتمد على جدوى اقتصادية.

النصر: هل هناك أمثلة عن اقتصادات نجحت فيها المؤسسات الناشئة على ضمان تموقعها في السوق؟

جواب - نعم هناك العديد من الأمثلة التي تمكنت فيها المؤسسات الصغيرة والحاضنات من البروز والاستمرار بل وتحولت إلى مؤسسات مهمة تدر عائدات مالية كبيرة، فمثلا في تونس تم الاعتماد على هذا النوع من المؤسسات ولكن من خلال التمكين للاستثمار الأجنبي، نفس الأمر نجده في اقتصادات الدول الأوربية الشرقية والتي وجدت في أوروبا الغربية سوقا لها، فعلى سبيل المثل المصنّع الكبير للسيارات "رونو" تتواجد معظم ورشاته في دول أخرى عدى فرنسا على غرار المغرب وبولونيا، وذلك من أجل خفض التكلفة وتحقيق ربح مادي كبير.

ع.ب

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. أصبحت تحت وصاية وزارة الإعلام في 16 نوفمبر 1967م.
تعرضت لتعريب جزئي في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com