الخميس 16 ماي 2024 الموافق لـ 8 ذو القعدة 1445
Accueil Top Pub

الباحث والمؤرخ لحسن زغيدي للنصر


19 مـــارس 1962 انتصــار على ظاهــرة الاستعمـــار
 قال الباحث والمؤرخ لحسن زغيدي،  إن 19  مارس  1962 هو تتويج لما قبله ومرحلة انتصار لما بعده ، حيث تحقق فيه انتصار للشعب الجزائري باستعادة استقلاله وسيادته وحريته و هو أيضا انتصار لإرادة الشعوب على مستعمريها و انتصار على ظاهرة الاستعمار ، مضيفا  أن الجبهة الدبلوماسية انطلقت من 1956 إلى غاية 1962 ، وبينت للعالم أن المفاوض الجزائري ، استطاع فعلا أن يوقف أطماع  المستعمر الفرنسي الذي كان يناور من أجل مكتسبات ، مؤكدا في حوار مع النصر أن اتفاقيات إيفيان هي محصلة لمراحل طويلة من المقاومة والنضال والثورة.
النصر : يعتبر تاريخ 19 مارس 1962 ، محطة بارزة في تاريخ الشعب الجزائري ، ما ذا يمكن أن تقولونه بهذه المناسبة التاريخية ؟
لحسن زغيدي: أولا هذه المناسبة تسميتها عيد الانتصار ولذلك فهي تعبر عن كل ما في محتوى الانتصار، لأن اتفاقيات إيفيان هي محصلة لمراحل طويلة من المقاومة والنضال والثورة، حيث دفع الشعب الجزائري أكثر من 10 مليون شهيد على مدار 132 سنة، كذلك أيضا اختتمها بثورة تعتبر من أهم ثورات القرن العشرين ، قدم فيها أكثر من مليون ونصف مليون شهيد وبالتالي برهن في هذه المسيرة عن عبقرية فريدة من نوعها هذه العبقرية كونت جيلا ،هذا الجيل تربى في أحضان موروث للذاكرة الوطنية يعتبر هذا الموروث بحد ذاته مدرسة متكاملة الجوانب والأطوار، تكون شخصية نوعية ولذلك يعتبر جيل نوفمبر من الأجيال القليلة التي عرفها تاريخ الإنسانية، لأن تاريخ الإنسانية يحسب بالأجيال المؤثرة والأجيال الصانعة للتاريخ ومن ثمة فهذا الجيل هو صانع للتاريخ ومن هنا تأتي أهمية 19 مارس، كمحطة هامة لأنه إذا قسمنا الثورة الجزائرية، نجد أن  نوفمبر هو حلقة الوصل لما قبله وما بعده، ثم تأتي مرحلة الصومام للتقنين و وضع الإطار والتنظيم،  ثم تأتي محطة الحكومة المؤقتة ومحطة الشرعية والانطلاق في الدبلوماسية المؤسسة، ثم تأتي مرحلة الاختتام وهي مرحلة 19 مارس  وهي مرحلة البعث، لأن الدولة الجزائرية نقول استعادة الاستقلال ولا نقول تحقيق الاستقلال،  لأننا لم نستسلم في يوم ما لحالة يأس نقول فيها أن الاستعمار هو قدر محتوم وأننا نسلم بما يعرف الجزائر فرنسية وإنما تشبثنا بمبدأ الدولة الجزائرية التي أسست قبل قرون ولذلك فإن 19 مارس هو تتويج لما قبله ومرحلة انتصار لما بعده ولهذا نستطيع أن نقول أن 19 مارس هو عيد وطني بكامل المقاييس لأن فيه تحقق انتصار للشعب الجزائري من جهة أنه حقق فيه استعادة استقلاله وسيادته وحريته وما إلى ذلك، ثم إنه انتصار أيضا لإرادة الشعوب على مستعمريها و انتصار على ظاهرة الاستعمار، لأن الاحتلال الفرنسي كان استعمارا استيطانيا، أي استعمار يهدف إلى الأبدية والخلود  في الأرض والمكان.

اتفاقيات إيفيان محصلة لمراحل طويلة من المقاومة والنضال والثورة


النصر : المفاوضون الجزائريون خاضوا معركة دبلوماسية كبيرة مع الطرف الفرنسي قبل وقف إطلاق النار، كيف تقرأون هذه المعركة اليوم ؟
لحسن زغيدي:  ليعلم القارئ الكريم، أن المعركة الدبلوماسية الجزائرية هي معركة امتدت على طول مسافة الثورة الجزائرية من أول نوفمبر إلى غاية 19 مارس 1962 ولذلك نجد أن المعركة الدبلوماسية اتسعت في نطاقها الدولي، أنها ولدت ميلادا واحدا مع الثورة ، لأن القيادة التساعة انقسمت إلى قسمين،  خماسية  ميدانية عسكرية سياسية داخليا ، ورباعية أخذت الجبهة الدبلوماسية خارجيا ولذلك  نجد أنها من الثورات القلائل التي تخطت إلى العالمية في ظرف 6 أشهر لأن باندونغ في أفريل 1955، يعتبر أولى المحطات الدولية الكبرى التي خاضتها الدبلوماسية الجزائرية ومنها انطلقت إلى الأمم المتحدة في دورتها العاشرة ودورتها الحادية عشرة وتوجتها في دورتها الخامسة عشر بمظاهرات ديسمبر 1960، إذن كل هذه المحطات التي خاضها فرسان الدبلوماسية الجزائرية والذين لم يتخرجوا من جامعات وكليات مختصة كما هو اليوم  في دراسات استراتيجية ودبلوماسية وما إلى ذلك ، وإنما تخرجوا من حركة وطنية دامت مدرستها التكوينية 28 عام، أي من 1926 إلى غاية 1954 ، إذن هذه المدرسة كونت جيلا فريدا من نوعه بجميع المقاييس ولذلك هذا الجيل تحمل عبأين، الأول هو عبئ الذاكرة في مواصلة الاجتهاد والنضال  من أجل التحرير والعبء الثاني هو أنه فجر ثورة وكان لابد له أن ينتصر فيها على جبهاتها الأربع، الجبهة العسكرية والسياسية والإعلامية والدبلوماسية، ولذلك الثورة الجزائرية  ، دبلوماسيتها في ظرف وجيز في أقل من 4 سنوات  الأولى، أي من 1954 إلى غاية 58 تمكنت من حشد قوة عظمى دولية من الأنصار والتي شكلت ما نسميه اليوم بأصدقاء الثورة الجزائرية من التنظيمات المدنية إلى  الهيئات الرمزية الحكومية، إلى الهيئات الدولية الممثلة في الأمم المتحدة ومجموعتها الدائرة في فلكها عبر الدول، ولهذا نلاحظ أن هذا العمل الدبلوماسي الكبير اختتم  فعلا بانتصار باهر يحق للجزائر ولكل أحرار العالم أن يحتفلوا به .

الدبلوماسية الجزائرية امتدت على طــول
 مسافــة الثورة


النصر:  تمكن المناضلون الجزائريون من إسقاط كل المناورات الفرنسية قبل التوقيع على اتفاقيات إيفيان، ما ذا تقولون في هذا الشأن  ؟
لحسن زغيدي : أولا المفاوض الجزائري تمكن من تحقيق الانتصار في عدة مطبات استعمارية صعبة جدا، أولها قضية الوحدة، وثانيها قضية نوعية السيادة، وثالثها مفهوم الاستقلال والدولة، والناحية الأولى وهي  الأهم وهي ما يتعلق بالوحدة بشقيها الشعبي والجغرافي ، ففرنسا بدأت في التخطيط والتحضير لهذه الجبهة الخاصة وهي جبهة الوحدة منذ أن ظهر البترول في حاسي مسعود في أفريل 1956 ، بدأت فرنسا  تسعى لإيجاد طريقة جديدة فيما يتعلق بقضية الصحراء، لأن قضية الصحراء منذ البداية وضعتها في إطار ما يسمى بالحكم العسكري ونزعت عنها كل شروط المدنية والتمدن ولذلك رأت أنها من السهولة اقتطاعها في إطار وضعها في البرنامج الخاص وهو الحكم العسكري وهنا تنبه قادة الثورة إلى هذه النقطة فأرادوا في مؤتمر الصومام أن يوضحوا ما هو مفهوم الاستقلال الكامل في إطار الوحدة الوطنية الجغرافية، ولذلك لما وضع مؤتمر الصومام شروط المفاوضات والسلام، حدد الشرط الثاني،  فيما يتعلق بالقضية الجغرافية، أي الحدود ونص عليها قائلا : لا تكون المفاوضات إلا على شروط الاعتراف بالحدود الجزائرية الحالية الدولية، بما فيها الصحراء الجزائرية، لذلك فإن المفاوض الجزائري هو إنسان مكلف بمهمة مؤطرة بإطار قانوني ثوري لا يحق له تجاوزه لأنها تعتبر  جبهة قتالية لكن بأدوات سلمية تسعى إلى جانب الآلة العسكرية في الجبال وفي الداخل  مع الآلة الشعبية التي تتحرك في شكل مظاهرات في جميع  الأماكن الموجودة، سواء في داخل الوطن أو خارجه لذلك، فإن كل هذه وسائل الضغط هي داعمة أساسية لهذه المعركة التي تقودها الجبهة الدبلوماسية بناء على أنها معركة طويلة ولذلك نلاحظ أن الجبهة الدبلوماسية انطلقت من 1956 إلى غاية 1962 بمعنى  أن 6 سنوات من الحرب الدبلوماسية المتواصلة بشقيها السري من جهة والعلني من جهة اخرى، ولذلك هذه الجبهة الدبلوماسية بينت للعالم أن المفاوض الجزائري المنطلق من القناعة الكاملة والإيمان الراسخ بمبادئه، وبقيمه ومقومتاه وهويته وإرثه وذاكرته ، استطاع فعلا أن يوقف أطماع المستدمر ، المستعمر ، المحتل الذي كان يناور من أجل مكتسبات  .
النصر : ماذا يمكن أن نستلهم اليوم من هذه الذكرى ، خاصة  بالنسبة للأجيال الجديدة؟
لحسن زغيدي : أولا هذه الذكرى يجب أن يكون الاحتفال بها هو احتفال تقييميا تقييم لما قبل وتقييم لما بعد ، تقييم  لما قبل ، أن الثمن الذي استعيدت به الجزائر هو عشر السكان،  أي أكثر من 10 مليون شهيد، أيضا من ضمن الثمن الذي دفع في سبيل استرجاع هذه السيادة ، هي الجرائم التي ارتكبها العدو على هذه الأرض، كم تحملت هذه الأرض من جرائم؟ ، كم تحمل هذا الشعب من اعتداءات؟ ، كم تحملت الذاكرة الوطنية من  تشويه و اعتداء؟ ، كم تحمل التاريخ الجزائري من اعتداءات متنوعة عليه ؟،  فهذا الجيل لابد أن يعلم أنه من سلالة جيل مؤمن بالحرية ويعيش من أجل الحرية ويمجد الحرية ويسعى إلى نشرها لتكون حقيقة عالمية في مناصرة الشعوب المضطهدة والتي تسعى لتحرير نفسها ولذلك على هذا الجيل أن يعرف أنه وريث ذاكرة،  هذه الذاكرة هي مرجعية أساسية للشعوب والإنسانية بصفة عامة تستلهم منها كيفية التحرير والتحرر ، ومن خلال التذكير بهذه القيم والمبادئ والتضحيات، الجيل الحالي يشعر بمدى ثقل المسؤولية عليه، وهي مسؤولية الحفاظ على هذه السيادة والحفاظ على الوحدة ومسؤولية الحفاظ على التوحيد و الجغرافيا والأخوة الشعبية المرتبطة .          
   مراد -ح  

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. أصبحت تحت وصاية وزارة الإعلام في 16 نوفمبر 1967م.
تعرضت لتعريب جزئي في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com