الخميس 16 ماي 2024 الموافق لـ 8 ذو القعدة 1445
Accueil Top Pub

أنبوب الغاز العابر للصحراء مشروع ضخم يدخل مرحلة التجسيد: الجزائـــر رقــم مهـــم في معادلــة الأمــن الطاقـوي بالعالــــم

تراهن الجزائر على خبرتها في مجال إنتاج الغاز الطبيعي ونقله وتسويقه نحو أوروبا، لإنجاح مشروع خط أنبوب الغاز العابر للصحراء، الذي دخل مرحلة التجسيد بعد الاتفاق بين البلدان المعنية بالمشروع وهي الجزائر، النيجر ونيجيريا، على تشكيل لجنة تقنية ولجنة مراقبة لوضع اللمسات الأولية للدراسة وتفعيل المشروع الذي سيضع إفريقيا ضمن أهم مصادر تموين الدول الأوروبية بالغاز الطبيعي، كما سيساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للسكان المحليين ومناطق العبور المختلفة، ويمنح أيضاً إمكانية ربط بلدان أخرى كمالي وتشاد.

شهد مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء تطورات مهمة، يوم الخميس الماضي، مع توقيع الدول الثلاث المشاركة في المشروع على مذكرة تفاهم حول تنفيذ خط الغاز العابر للصحراء. على هامش الاجتماع الوزاري الثالث للدول المعنية وهي الجزائر، ونيجيريا، والنيجر، حيث تم رسميا وضع اللمسات الأخيرة للشروع في تجسيد المشروع الذي سيسمح بتحقيق أول تجربة اندماج طاقوي في إفريقيا، كما سيضع القارة على رأس موردي الغاز الطبيعي نحو أوروبا في منافسة الغاز الروسي، كما سيسمح المشروع بخفض اعتماد أوروبا على الغاز الأمريكي و كذا القطري.
وتبدو الظروف الدولية الحالية، أكثر ما شجع الدول الثلاث على تحقيق المشروع الذي ظل حلما بعيد المنال. وكان أكثر ما عطل التنفيذ، مسألة الجدوى الاقتصادية منه، لأن الغاز العابر للأنابيب ظل سلعة رخيصة خلال العشرين سنة الماضية، ناهيك عن أن السوق الأوروبية كانت تعاني من الإشباع في ظل تموينها من روسيا المنتج الضخم لهذه المادة والنرويج. وكدليل على ذلك، لم تتمكن الجزائر من إنشاء خط “غالسي” وهو أنبوب ثان عبر البحر يجمعها بإيطاليا مباشرة عبر البحر.
من جهتها تُراقب أوروبا تطور المشروع عن كثب، إذ تسعى القارة العجوز منذ سنوات لتنويع مصادرها من الطاقة بدلا من الاعتماد على روسيا، وتعزز هذا الطرح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وإعلان عديد الدول الأوروبية تخليها عن الغاز الروسي والبحث عن بدائل أخرى، وكان نتيجة هذا التوجه زيادة كميات الغاز الجزائري نحو إيطاليا، كما بدأت أوروبا في التعامل مع أذربيجان، وطوَّرت شراكتها مع كلٍّ من الولايات المتحدة الأميركية وقطر، وهي تطمح بعد ذلك إلى ضم الموردين الأفارقة إلى قائمة مُزوِّديها بالغاز.  
 التوقيع على مذكرة تفاهم
بين الأطراف الثلاثة
وتوّجت أشغال الاجتماع الوزاري الثلاثي الثالث بين الجزائر ونيجيريا و النيجر، المنعقد الخميس بالجزائر العاصمة، حول مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، بخطوة جديدة لتجسيد المشروع من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم بين الأطراف الثلاثة. وجرى التوقيع على مذكرة التفاهم من طرف كل من وزير الطاقة و المناجم، محمد عرقاب، ووزير الدولة للموارد البترولية لنيجيريا، تيميبري سيلفا، ووزير الطاقة والطاقات المتجددة للنيجر، مهاماني ساني محمدو، بحضور الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك، توفيق حكار.
وعقب التوقيع على مذكرة التفاهم، الذي جرى بالمركز الدولي للمؤتمرات، عبد اللطيف رحال، أكد الوزير عرقاب، في تصريح للصحافة أن «الوثيقة الموقعة تهدف للمضي قدما في تجسيد مشروع خط أنبوب الغاز العابر للصحراء». من خلال مواصلة تجسيد كل البرامج المسطرة لإنجاز المشروع، أبرزها إعداد الدراسات ومختلف الجوانب المتعلقة بالإنجاز، مشيرا إلى أن «البلدان الثلاثة اتفقت على إنجاح و إنجاز المشروع في فترة وجيزة».
وفي هذا الإطار، أوضح عرقاب أن «اجتماع الجزائر جد هام ويخص مشروع استراتيجي»، حيث يأتي بعد اجتماعين سابقين في كل من نيامي (النيجر) وأبوجا (نيجيريا)، أين تم اتخاذ عدة قرارات أهمها تشكيل فريق تقني ولجنة مراقبة رفيعة المستوى، مكلفين بإعداد وتحيين كل الدراسات التقنية والمالية و دراسات الجدوى المتعلقة بتجسيد هذا المشروع.
وتحدث الوزير عن إحراز تقدم كبير لإنجاز هذا المشروع الاستراتيجي، خصوصا بعد «وضع اللبنات الأولى للدراسات التقنية لهذا المشروع من أجل تجسيده على أرض الواقع في أقرب الآجال». حيث ناقش الاجتماع، التقرير المفصل المنجز من طرف اللجنة التقنية و اللجنة المكلفة بالمراقبة، ما سمح بالتوصل إلى التوقيع على مذكرة التفاهم.
  محور إفريقي لتموين الأسواق العالمية بالغاز
وسيساهم المشروع في تعزيز أمن تموين الأسواق العالمية بالغاز، وبحسب الوزير عرقاب، فإنه «من خلال تجسيد هذا المشروع  نعتزم الاستمرار في لعب الأدوار الأولى في مجال أمن تموين الأسواق العالمية بالغاز». وأوضح أن إنجاز مشروع خط أنبوب الغاز العابر للصحراء يندرج في «سياق جيو-سياسي وطاقوي خاص» يتميز بطلب كبير على المحروقات، خاصة على الغاز الطبيعي من جهة و عرض يعرف توجها نحو الانخفاض نتيجة تراجع الاستثمارات الغازية منذ 2014 من جهة أخرى.
ويرى الوزير عرقاب أن «الاضطرابات الأخيرة في التموين بالمنتجات الطاقوية بشكل عام و الغاز الطبيعي بشكل خاص على مستوى الأسواق الغازية العالمية، تستوقفنا على أكثر من صعيد بخصوص المكانة التي سيشغلها مصدر الطاقة النبيل هذا في مزيج الطاقة مستقبلا» مضيفا أن الغاز الطبيعي يتوفر على جميع الخصائص التي تمكنه من لعب الأدوار الأولى في مجال الأمن الطاقوي لأن الأمر يتعلق بطاقة «موثوقة و متوفرة و سهلة المنال و خاصة نظيفة».
وأضاف قائلا إنه «بالنسبة لبلداننا، تتمحور الأرباح المنتظرة من خلال هذا المشروع حول تعزيز مواقعها كبلدان ممونة موثوقة تتمتع بسمعة لا غبار عليها في هذا المجال. داعيا إلى استغلال هذه الفرصة لبعث رسالة قوية على المستوى الدولي بشأن إطلاق إنجاز مشروع خط أنبوب الغاز العابر للصحراء مما سيسمح للجهات الراعية بالشروع في البحث عن شركاء لتمويل و إنجاز هذا المشروع و إنجازه بالموازاة مع تحيين الدراسة المناسبة لهذا المشروع.
حان الوقت لتجسيد المشروع
وقال وزير الموارد البترولية لدولة نيجيريا إن اتفاق الجزائر «هو ثمرة التزام الدول الثلاث لتطوير وتجسيد هذا المشروع لما يحمله من انعكاسات إيجابية على الأمن الطاقوي لأفريقيا»، واعتبر الوزير النايجيري تيميبر سيلفا أن اجتماع الجزائر هو «تأكيد على مواصلة الالتزام بين الجزائر و نيجيريا و النيجر لتجسيد المشروع»، مضيفا أن «توقيع مذكرة التفاهم يعتبر تأكيدا على إرادة الدول الإفريقية للعمل معا لتجسيد المشاريع الكبرى». وتابع بالقول «التقينا في نيامي ثم في أبوجا، وفي الجزائر، وقعنا مذكرة تفاهم للعمل معا على تجسيد هذا المشروع». كما أبرز الوزير النايجيري أهمية هذا المشروع، خاصة فيما يتعلق بتحقيق الأمن الطاقوي لإفريقيا، معبرا أيضا عن قناعته أنه «حان الوقت لتجسيد مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء».
من جهته أكد وزير النفط والطاقة في دولة النيجر أن المشروع يسمح للدول الأفريقية بإنشاء مشاريع كبرى في ما بينها، وهو ما يسمح أيضا بتوفير موارد الطاقة في أفريقيا، مضيفا: «نحن متفائلون جدا للتقدم في مراحل هذا المشروع المهم». وقال الوزير النيجيري أنه بعد ثلاثة لقاءات بين البلدان الثلاثة، «نحن جد متفائلين فيما يخص تقدم المشروع «، بالخصوص بعد تشكيل اللجنة التقنية المكلفة بإعداد وتحيين دراسات الجدوى المتعلقة به. كما أكد السيد ساني محمدو على أهمية المشروع بالنسبة للدول الإفريقية فيما يخص تأمين الموارد الطاقوية، معتبرا أن «تعاون كل من بلده و الجزائر و نيجيريا يبرهن أن الدول الإفريقية يمكنها التعاون فيما بينها لتجسيد المشاريع التي تكون في صالح القارة». جدير بالذكر أن مشروع خط أنبوب الغاز العابر للصحراء هو مشروع ضخم لنقل الغاز يربط البلدان الثلاثة على مسار يفوق طوله 4000 كيلومتر. وتعد نيجيريا وهي دولة المنبع للأنبوب من أهم الدول المنتجة للغاز في القارة الإفريقية، كما تملك الجزائر باعتبارها دولة المصب في هذا المشروع، بنية تحتية قوية في مجال تكرير الغاز وتصديره عبر الأنابيب الجاهزة نحو إيطاليا وإسبانيا ومنهما إلى باقي الدول الأوروبية. وفي حال تجسد المشروع، يتوقع أن ينقل سنويا 30 مليار متر مكعب، ما يعني رفع الصادرات انطلاقا من الجزائر إلى الضعف.         ع سمير

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. أصبحت تحت وصاية وزارة الإعلام في 16 نوفمبر 1967م.
تعرضت لتعريب جزئي في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com