مختصون في علم الاجتماع يؤكدون للنصر: منحــــة البطالـــة آليــة "لإعـادة إدمــاج" الشبــاب اجتماعيــا

أجمع أساتذة مختصون في العلوم الاجتماعية، أن آلية منحة البطالة ستسمح بإعادة إدماج الشباب المستفيد منها من الناحية الاجتماعية، من خلال التغيير الذي سيعيشونه خلال إنفاق ذلك المبلغ سواء لتلبية حاجياتهم الشخصية، أو توفير بعض مطالب أسرهم وهذا ما يعيد لهم المكانة الاجتماعية التي كانوا ينتظرون بلوغها بالعمل.

وبالنظر لتزامن صب أول مبلغ لمنحة البطالة ببلادنا مع بداية شهر رمضان، حاولت النصر رصد الانعكاسات الاجتماعية للمنحة على وضعية المستفيدين و من أجل هذا اتصلنا بأساتذة في العلوم الاجتماعية و بالصدفة وجدنا أحد المستفيدين وهو الشاب عبد الهادي الذي لم يخف فرحته الكبيرة بعد حصوله على منحة البطالة، بعد سنوات من البحث عن عمل قار ولكن دون جدوى رغم أنه متحصل على عدة شهادات من مراكز التكوين المهني في تخصصات مختلفة، إلا أنه غالبا ما كان يجد عملا في بعض الأحيان ليوم واحد أو لفترة محدودة دون تأمين، وهذا لكونه يقطن بمنطقة داخلية لا تتوفر فيها الكثير فرص الشغل خاصة مع الدخل الضعيف لأسرته.
وقال عبد الهادي البالغ من العمر 23 سنة، أن فرحته لم تكن توصف حين تحصل على مبلغ المنحة و استطاع شراء بعض الحاجيات للبيت، أدخل بها السرور على والدته، و هو "شعور عميق"، قال محدثنا إنه أعاد له الأمل والثقة في نفسه خاصة وأنه بدأ يشعر بمعنى المسؤولية، و قال في هذا الشأن "المنحة جيدة ولكن يجب على المستفيد أن يحسن صرفها ويضع كل دينار في مكانه"، و مع ذلك فقد أسر لنا عبد الهادي أنه يفضل الحصول على عمل قار يسمح له بضمان مستقبله.

* أستاذ علم الاجتماع الدكتور إبراهيم بن يوسف
منحة البطالة آلية للترقية الاجتماعية
أكد الدكتور إبراهيم بن يوسف، أن منحة البطالة الجديدة التي أقرتها ميزانية الحكومة الجزائرية لعام 2022 والتي دخلت حيز التنفيذ ابتداء من مارس المنصرم، هي إنجاز معتبر في آليات التضامن الاجتماعي والترقية الاجتماعية.
مضيفا في اتصال مع النصر، أن هذه المنحة توفر مبلغا ماليا أساسيا للبطالين حتى تساعدهم على الانخراط في سوق العمل وعلى حفظ كرامتهم خلال فترة البحث عن العمل، فالمنحة "أداة انتقالية تساعد البطال ماليا حتى يسعى بشكل جدي للبحث عن عمل، وهذا ما يساعد على دفع المستفيد للبحث عن الشغل انطلاقا من تصور، غير أن حصرها في فئة البطالين الذين لم يحصلوا بعد عن شغل أول، تمنع فئات أخرى من الاستفادة منها"، معتبرا أن ما جاء في أحد بنود الاستفادة من المنحة والمتعلق بمنع أن يجمع المستفيد بين هذه المنحة وبين مداخيل أخرى، هو إجراء قد لا يحفز المستفيد لتقبل فرصة الشغل براتب ضئيل على أن تكون المنحة مكملة له، ويبقى معتمدا على مبلغ المنحة فقط.
ومن ناحية أخرى يرى الأستاذ بن يوسف، أنه من مزايا هذه التدابير أن الاستفادة من منحة البطالة، تمنح الحق للمستفيد في الحصول على تغطية شاملة للتأمين الصحي والضمان الاجتماعي، وتأتي منحة البطالة حسب محدثنا، كإضافة لجملة من التدابير والآليات التي سبق اعتمادها في هذا المجال، مشيدا في الوقت نفسه بنظام تسييرها الذي اعتمد على الآليات الافتراضية، وبالتالي سهل عملية التسجيل وقلص من معاناة هؤلاء الشباب مع البيروقراطية، كما استحسن اعتماد الشراكة مع وكالات التشغيل للبحث عن عمل وأيضا فيما يتعلق بالإشراف على عملية البحث و المتابعة.

* أستاذة علم الاجتماع زاوي سناء
الآلية ستساهم في ضبط سوق العمل
ترى الأستاذة في علم الاجتماع، سناء زاوي، أنه لا يجب أن ننظر إلى هذه الظاهرة الاقتصادية الاجتماعية المتطورة بمنظار ظرفي، بل يتعين البحث عن ماذا يمكن أن يضيف هذا المبلغ إلى المستفيد منه أمام الغلاء المعيشي الفاحش الذي تشهده السوق العالمية ومن بعدها السوق الجزائرية، أي لا يجب، حسبها، الوقوف عند إمكانية الاستفادة من منحة البطالة، بل محاولة توفير مناصب الشغل لهؤلاء الشباب لإدماجهم في الحياة المهنية مقابل تحسين راتبهم
و تحفيزهم أكثر لمواجهة الحياة العملية.
و اعتبرت محدثتنا أن منحة البطالة التي أقرتها الجزائر والتي خصت بها شريحة كبيرة من الشباب، أنها مبادرة جيدة يمكن أن تساهم في ضبط سوق العمل، كما يمكن أن تتطور مع الوقت لأن العملية، كما قالت، وإن كانت ضرورية في الوقت الحاضر، فهي تحتاج إلى دراسة أعمق وتحضير جيد مع الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في معالجة هذه الظاهرة. و تضيف الأستاذة زاوي، أن الجزائر لو تستغل شساعة أراضيها الخصبة سواء في الشمال أو في الجنوب، وكذا غناها بمختلف المنتوجات الفلاحية وأيضا صناعتها المتميزة و ثرواتها المعدنية المتنوعة، ستقلل من البطالة وتستدرك غياب التخطيط العلمي الحقيقي مقابل التخطيط الترقيعي الذي كان منتهجا على مدار عشرات السنين، و الذي أزم، مثل ما أضافت، الوضع وأضعف فرص توفير مناصب شغل وسط الطبقة التي بلغت سن العمل القانوني.
فمثلا حسب الأستاذة زاوي، فقد تم إنشاء معاهد ومراكز كثيرة للتكوين المهني للشباب الذي لم يسعفه الحظ لمواصلة الدراسة، لكن مردودها ظل محدودا ولا يستجيب للمستوى المطلوب في سوق العمل التي تتغير بسرعة ويتغير طلبها لليد العاملة تماشيا والتحولات الوطنية والدولية.

* الأستاذ موسى إسماعيل شماخي مختص في الأنثروبولوجيا
المنحة قد تسد بابا لأرباب الأسر
 اعتبر الأستاذ موسى إسماعيل شماخي، أن لمنحة البطالة عدة مزايا كونها تسمح للمستفيد من استغلالها في قضاء بعض الحاجيات خاصة بالنسبة لغير المتزوجين، أما من يعيل أسرة فهي تمثل دعما ماديا قد يسد أحد أبواب المطالب اليومية خاصة في ظل غلاء المعيشة، أما في رمضان فمن شأنها تخفيف الضغط على المستفيد خاصة وأن روح التضامن تكثر في الشهر الفضيل وهذه المنحة ربما تساعد رب الأسرة على توفير بعض اللوازم الأساسية، مشيرا أنه من ميزات المنحة أيضا هي السعي لتوفير منصب الشغل وهو الحل الأمثل لجميع المستفيدين.
و قال محدثنا إنه رغم أهمية هذه المنحة التي تتم الاستفادة منها وفق شروط صارمة، فإن بعض الفئات التي دخلها لا يتجاوز 10 آلاف دج حرمت منها، وعليه يمكن مستقبلا إعادة النظر في وضعيات شباب وجد نفسه محصورا بين عدم الاستفادة من منحة البطالة وممارسته عملا لا يكفي دخله لسد رمقه خاصة بالنسبة لأرباب الأسر، ففي الكثير من الأحيان لا يكفي، حسب محدثنا، الارتباط بالقيم المجتمعية عندما يتعلق الأمر بتأمين الغذاء.           
بن ودان خيرة