الخميس 16 ماي 2024 الموافق لـ 8 ذو القعدة 1445
Accueil Top Pub

المؤرخان الجزائريان محمد القورصو وحسان رمعون يؤكدان: تقرير ستورا يستوقف الطبقة السياسية الفرنسية "للتصالح" مع ذاكرتها


يستوقف التقرير الأخير الذي أعده المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا حول الاستعمار وحرب التحرير الوطنية، أولا وقبل كل شيء، الطبقة السياسية الفرنسية بغية التصالح مع ذاكرتها، لأنه ليس «صيغة جديدة» لتاريخ الاستعمار الفرنسي في الجزائر بل «واقع الذاكرة»، حسبما أفاد به مؤرخون جزائريون.
وفي مقابلة أجراها مع وكالة الأنباء الجزائرية، أكد المؤرخ الجزائري محمد ولد سي قدور القورصو، أن التقرير الذي قدمه بنجامين ستورا الأربعاء الفارط للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، «يستدعي بادئ ذي بدء من كافة الطبقة السياسية الفرنسية التصالح مع ذاكرتها، قبل أن يكون خارطة طريق تمهد لمفاوضات حول مواضيع حساسة بين الجزائر وفرنسا قصد إقامة مصالحة في المستقبل ليس بشأن الذاكرة فحسب، وإنما مصالحة سياسية وإستراتيجية وعلمية واقتصادية وثقافية ...الخ».
وأكد المؤرخ أن «جهد إقرار الحقيقة مطلوب من أعلى السلطات الفرنسية المدعوة إلى الاعتراف بالجرائم المرتكبة باسمها خلال 132 سنة، لاسيما خلال الفترة 1945-1962. والجهد ذاته مطلوب من المواطنين الفرنسيين الملزمين بالتصالح أولا مع ذاكرتهم»، مشيرا إلى أن «حرب الذاكرة» هي قبل كل شيء حرب في «الذاكرة الفرنسية» في حد ذاتها.
ومن جهته، شدد الخبير في علم الاجتماع والمؤرخ حسان رمعون أن هذا التقرير يستجيب للطلب الذي قدمه الرئيس ماكرون «ولا يتعلق الأمر بإعداد صيغة جديدة لتاريخ الاستعمار الفرنسي في الجزائر وحرب التحرير الوطنية، وإنما هو عرض لواقع الذاكرة وانعكاساته على العلاقات الجزائرية والفرنسية».
كما أوضح السيد رمعون أن الهدف من هذه الخطوة هو «الاضطلاع بالنزاع الكبير الذي أورثه التاريخ في هذا المجال وتهدئة ذاكرة المعنيين قدر الإمكان»، معتبرا أن المؤرخ ستورا «حاول أن يؤدي دور المسهل من خلال اقتراحه السبل والإمكانيات التي من شأنها أن تفسح الطريق في هذا الاتجاه».
و بخصوص مسألة اعتراف فرنسا بالجرائم التي اقترفتها خلال احتلالها للجزائر، قال المؤرخ حسان رمعون أن «طلب الاعتذار و ندم الفرنسيين لا يكفيان ليستعيد الشعب الجزائري كامل حقه بعد كل ما عاناه»، مضيفا أن «الاعتراف الصريح بالجرائم المرتكبة من شأنه المساهمة في تهدئة العلاقات بين الشعبين».
و تابع قائلا: «أعتقد صراحة أننا ثأرنا من الاستعمار حينما حررنا وطننا و استرجعنا شرفنا و لكن شرف الفرنسيين على المحك، لا سيما بعد الجرائم التي ارتكبوها والتي تؤرق ضمائرهم. إن الانتقال إلى طلب الصفح و الاعتراف بجرائم الاستعمار المرتكبة سيتم حينما يصبحون جاهزين للقيام بخطوة شجاعة كهذه».
و يرى السيد محمد القورصو أن تقرير المؤرخ ستورا هو «خطوة متقدمة» مقارنة بمواقف الطبقة السياسية الفرنسية «التي سادت غداة استرجاع السيادة الوطنية و التي لا تزال مهيمنة لحد الساعة على مستوى بعض الدوائر التي لا تتوان في إبداء استيائها عندما يتعلق الأمر باحتلال الجزائر و حرب التحرير الوطنية»، مضيفا في هذا الإطار «أن هذا التقرير لم يكن ليرى النور لولا إصرار الجزائريين منذ الاحتلال و مرورا بالحركة الوطنية و بيان الفاتح نوفمبر إلى غاية ممارسة سيادتهم، على المطالبة بحقهم الذي لا يسقط بالتقادم في تاريخهم و هو ما أقصاهم منه المستعمر متسببا لهم في ضرر لا يمكن إصلاحه».
و اعتبر السيد القورصو أن هذه المطالب التي «تم تجاهلها و التقليل من شأنها بدأت تأخذ المنحى الصحيح» بفضل «وعي» رؤساء الجمهورية الفرنسية الذين تولوا الحكم منذ نهاية التسعينيات».
و صرح السيد رمعون أنه «حتى و إن كان بنجامين ستورا لا يقلل من شأن هذه المسألة المعقدة فهو يعتقد بإمكانية حدوث تقدم في هذا الشأن مثلما حدث في الماضي، مضيفا أن التقرير حول الذاكرة لا يمس الدول فقط بل جوانب متعددة من المجتمعات المعنية مع آراء تبعث أحيانا على الفرقة داخل البلدان المعنية».
و يعتبر المؤرخ حسان رمعون أن بروز أجيال جديدة «تجدد طرح تساؤلات ومشاريع مجتمع، وعمل تجميع المعارف الذي يقوم به المؤرخون من خلال مواقف نقدية ومؤسسة منهجيا»، يمكن أن يبعث على التفاؤل، حتى «و إن لا تظهر أثاره على الفور». و هذا ما يفسر، حسب قوله، أن مسألة تبجيل الهيمنة والأيديولوجية الاستعمارية مرفوضة في كل زمان و مكان. كما يعتقد السيد رمعون أن المضي قدما في حل المشاكل الموروثة عن الماضي «مفيد لكلا البلدين».
و في رده عن سؤال عما إذا كانت الجزائر ستكسب شيئا من هذا التقرير حول الذاكرة، أجاب البروفيسور حسان رمعون بالإيجاب، ولكن بشرط «عدم اعتبار أن المشكلة ستُحل كاملة دون مسائل الذاكرة»، معتبرا أنه سيكون من الضروري دائما «إتاحة الوقت الكافي لهذه المسألة خاصة و أن الأمر يتعلق بنزاع ثقيل ثقل ذلك الموروث عن الاستعمار وآثامه».
وأكد أن الجزائر «للأسف ليست الوحيدة المعنية بالمسألة، حتى لو اعتبرنا أنفسنا واعتُبرنا من قبل الآخرين حالة رمزية».
و بخصوص مختلف النقاط التي تطرق لها تقرير ستورا والتي تعكس «وجهة النظر الفرنسية»، حسب محمد ولد سي قدور القورصو، يرى هذا الأخير أن هناك «بالطبع أسئلة كثيرة تم التغاضي عنها والتي سيُثيرها و يناقشها، في وقتها، الطرف الجزائري».
و يرى من جهة أخرى المؤرخ حسان رمعون أنه «تم طرح أسئلة مهمة في هذا النص وهذا هو الحال، لا سيما بالنسبة للسؤال المتعلق بالأرشيف ومسألة الاعتراف بالمأساة التي عانى منها الجزائريون».
وفي الأخير، قال إن الأمر يتعلق «بمفاوضات جارية و الأهم هو معرفة كيفية تحديد الأهداف والمراحل التي يجب المرور منها» معتبرا أنه «من الضروري أيضا تعبئة جميع الموارد اللازمة لإنجاحها».
وأج

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. أصبحت تحت وصاية وزارة الإعلام في 16 نوفمبر 1967م.
تعرضت لتعريب جزئي في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com