الخميس 16 ماي 2024 الموافق لـ 8 ذو القعدة 1445
Accueil Top Pub

أحداث ساقية سيدي يوسف: حقل مفتوح للبحث من أجل تقرب أكثر بين الشعبين الجزائري و التونسي

لا تزال أحداث ساقية سيدي يوسف الدامية التي تشكل جزءا من الذاكرة الجماعية للشعبين الجزائري والتونسي والشاهدة على كفاح الشعوب المغاربية ضد الاحتلال والتي سيتم الاحتفال بذكراها الـ 61 يوم الجمعة المقبل "حقلا مفتوحا للبحث" من شأنه التقريب أكثر بين الشعبين الجزائري والتونسي.

واستنادا للدكتور جمال ورتي، أستاذ التاريخ بجامعة محمد الشريف مساعدية، بسوق أهراس فإن "تلك الأحداث لم توف بعد حقها من الأبحاث والدراسات العلمية الجامعية".

وأردف بأن "الباحثين الجامعيين لا زالوا يعتمدون على كل ما هو منشور على عكس الدراسات الأكاديمية التي ترتكز أساسا على الوثائق الأرشيفية سواء من داخل أو خارج الوطن باستثناء بعض الدراسات التي تناولت أحداث الساقية التونسية كجزئية من جزئيات ثورة التحرير الجزائرية".

وأوضح ذات الجامعي بأن "البحوث العلمية التي تناولت تلك الأحداث التي وقعت ذات الـ 8 فيفري 1958 تكاد تكون منعدمة باستثناء ما كتبه الدكتور الراحل يحيى بوعزيز، في الجزء الثاني من كتابه "ثورة الجزائر في القرنين الـ19 والـ20" الذي تطرق فيه إلى تلك الواقعة، إضافة إلى ما كتبه الأستاذ عبد الله مقلاتي، الذي أعد مذكرة ماجستير حول "دور دول المغرب العربي في مساعدة ثورة التحرير الجزائرية".

وأضاف "رغم الجهود الكبيرة المبذولة من طرف وزارتي المجاهدين والتعليم العالي والبحث العلمي ما زال الباحثون في تاريخ الثورة يجدون صعوبة في التأريخ لأحداث ثورة التحرير المظفرة خاصة فيما يتعلق بالوثائق التي يستدعي الاطلاع عليها التنقل شخصيا إلى مصالح الأرشيف المختلفة خارج الوطن على غرار فرنسا وتونس والمغرب ومصر وسوريا وهو ما يتطلب بحثا وصبرا كبيرين".

وأشار إلى أن "الراحل عاشور بوشامة (أستاذ سابق للتاريخ بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة) أعد سنة 1997 رسالة دكتوراه بعنوان "الثورة الجزائرية من خلال جريديتي لاديباش دو كونستونتين و ريفاي دو ستيف" إلا أنه توفي سنة 2018 ولم ينه رسالته" وهو ما يؤكد -حسبه- أن "البحث في التاريخ ليس كباقي التخصصات الأخرى".

ودعا الدكتور ورتي الباحثين إلى استعادة تلك الأحداث الأليمة بالبحث والدراسة، مضيفا بأنه "يمكن لتلك الأحداث أن تكون عناوين لمذكرات وأطروحات لطلبة الجامعة والباحثين لاسيما وأن كتابة تاريخ الثورة لا تكون إلا بتسجيل الوقائع من خلال الاطلاع على الوثائق وعلى الصحف الصادرة آنذاك (المجاهد و لاديباش دو كونستونتين) وكذا على شهادات من عايشوا الأحداث بالموازاة مع المادة الخبرية المكتوبة وليس بالاعتماد على كل ما هو مطبوع أو منشور".

واكد ذات المتحدث بأن "الاعتداء على ساقية سيدي يوسف كان يعبر عن الوضعية المتدهورة التي آلت إليها الجمهورية الفرنسية الرابعة وسيطرة فكرة "الجزائر فرنسية"، فازداد الوضع تفاقما إثر القرار الذي أصدرته فرنسا في الفاتح سبتمبر 1956 والذي ينص على حق ملاحقة وحدات جيش التحرير الوطني بعد انسحابها إلى داخل الأراضي التونسية"، مضيفا أنه "بين يوليو 1957 إلى يناير 1958  نفذ جيش التحرير الوطني 84 عملية على الحدود الجزائرية التونسية". 

"و قد تعرضت الساقية إلى جملة من الاعتداءات مثل إعتداء 1 و2 أكتوبر سنة 1957 وفي منتصف جانفي 1958 نصب جنود جيش التحرير الوطني كمينا لدورية فرنسية أسفر عن مقتل 15 جنديا فرنسيا وأسر 4 آخرين"، كما أضاف ذات الأستاذ، موضحا بأنه "في 30 جانفي 1958 تعرضت طائرة فرنسية لنيران المدفعية المضادة للطيران لجيش التحرير الوطني وفي 7 فيفري 1958 تصدت وحدات جيش التحرير الوطني لطائرة فرنسية أخرى".

وأضاف ورتي بأنه "في يوم السبت 8 فيفري 1958 وهو يوم سوق أسبوعي بقرية سيدي يوسف الآمنة وعلى الساعة التاسعة صباحا اضطرت طائرة فرنسية أخرى للهبوط بمطار تبسة بعد إصابتها وعلى الساعة العاشرة من نفس اليوم أعطت قيادة القوات الفرنسية أمرا بالهجوم على ساقية سيدي يوسف، حيث قامت 25 طائرة فرنسية من نوع "كورسار" و "ب 26" بالهجوم المدمر على القرية مما أدى إلى استشهاد 79 شخصا من بينهم 20 طفلا و11 امرأة وإصابة 130 شخصا بجروح إلى جانب تدمير كلي للمرافق الحيوية بما في ذلك عربات الصليب الأحمر الدولي".

ووفقا لعديد المراجع التاريخية فقد "حطم القصف الفرنسي 4 شاحنات شحن تابعة للصليب الأحمر السويسري والهلال الأحمر التونسي كلها محملة بالملابس المعدة لتوزيعها".

 

---أحداث ساقية سيدي يوسف تعكس يأس فرنسا---

 

وأدت الغارة إلى تحول هام في مسار الثورة الجزائرية حيث اتسع مجال طرح القضية الجزائرية على الصعيد الدولي"، فيما " أعربت قيادة الثورة عن تضامنها المطلق مع الشعب التونسي و وضعها لوحدات جيش التحرير الوطني تحت تصرف الحكومة التونسية للوقوف في وجه العدو المشترك"، استنادا لذات المصدر .

من جهتها "وصفت الولايات المتحدة الأمريكية الغارة على ساقية سيدي يوسف ب"العمل الجنوني" الذي عوض أن يلحق الضرر بمعنويات الثوار الجزائريين زاد من عزيمتهم" كما أشار إليه الأستاذ ورتي، مضيفا بأن "الإتحاد السوفياتي وقتها أرجع سبب الغارة إلى يأس فرنسا في كبح جماح شعب ثائر".

وكانت تلك الأحداث موضوع مذكرة بعنوان "العدوان الفرنسي على ساقية سيدي يوسف وأثره على الموقف التونسي تجاه الثورة" قدمتها الطالبتان آمال جدي وخولة بوزيان من جامعة تبسة لنيل شهادة ماستر دفعة 2016 حيث أشارتا إلى أن "موقع ساقية سيدي يوسف استراتيجي كمنطقة حدودية بالنسبة لنشاط جيش التحرير الوطني و كمركز لتمرير الأسلحة والذخيرة وتجمع اللاجئين".

وفي تصريح لوأج أوضحت الباحثتان بأنه "أثناء دراسة هذا الموضوع كان لزاما الاطلاع على بعض الدراسات المتخصصة التي تناولت الموضوع لتسهيل الإحاطة بجوانبه وكيفية التعامل مع مصادره"، مشيرتين إلى أنه "من بين الدراسات التي استعانتا بها تلك التي أعدها الباحث التونسي حبيب حسن اللولب، تحت عنوان " التونسيون والثورة الجزائرية " فضلا عن الدراسة التي أعدها الباحث عبد الله مقلاتي بعنوان " العلاقات الجزائرية المغاربية والإفريقية إبان الثورة الجزائرية". 

و استنادا لذات الجامعيتين فإنه "على الرغم من أهمية هذه المذكرات كمصدر لتسجيل الأحداث والمواقف فإنها تحتوي على وجهات نظر شخصية وتنظر للأحداث من زوايا مختلفة وتأول المواقف حسب توجهاتها السياسية والإيديولوجية".

واج

 

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. أصبحت تحت وصاية وزارة الإعلام في 16 نوفمبر 1967م.
تعرضت لتعريب جزئي في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com